صحة الفم بوابة الجمال
الكاتب: د. إيمان بنت هاني إسماعيل
مديرة مكتب الأبحاث والابتكار في كلية طب الأسنان
كثرت في الآونة الأخيرة ظاهرة تكبير الشفاه التجميلية وإقبال بعض النساء عليها. كطبيبة مختصة بتجميل وإصلاح الأسنان أرى خلف هذه الواجهة الجميلة أسنانًا في حالة إهمال شديدة وصحة متدنية؛ كوجود "جير "متراكم، والتهابات في دعائم الأسنان (اللثة)، وكسور ونخر في الأسنان، وأسنان مخلوعة وغير مستعاضة. وعند مصادفة مثل هؤلاء المراجعات في عيادتي التخصصية، أجد بأنّ معظمهن يحرصن على العلاج الطارئ للسن المؤلم أو المتضرر فقط دون المبالاة باستعادة صحة الفم والأسنان بشكل عام. الصحة كما تعرفها منظمة الصحة العالمية هي "حالة من اكتمال السلامة بدنيًا وعقليًا واجتماعيًا". صحة الفم في تعريفي الشخصي هو "خلو الفم من الأمراض كما أنّه حالة من التناغم والتوازن بين وظائف الأسنان وشكلها ولونها". الصحة تبدأ من الداخل لتنعكس على الخارج وليس العكس. كيف نكتسب فمًا صحيًا؟ تتحقق الصحة الداخلية للأسنان بوجود توازن غذائي يشمل جميع العناصر الغذائية المهمة عامة، والعناصر المعنيّة ببناء الأسنان خاصة، وتنظيف الأسنان ضمن روتين يومي محدد، والمتابعة الدورية مع طبيب الأسنان. ومن المؤسف أنّ غالبية المرضى يشتكون من ارتفاع تكاليف علاج الأسنان، متجاهلين حقيقة أنّ متابعة الأسنان وحمايتها من النخر تكلفته جدًا بسيطة مقارنةً بالتكاليف المستقبلية من تبعات نخر الأسنان. تذوق الجمال وتقديره موضوع شخصي وموضوعي، ولكن أثبتت الدراسات بأنّ الناس تُقيّم جمال الأشخاص بالنظر إلى العينين أولاً ثم إلى ابتسامتهم ثانيًا. لا شك أنّ تقييمنا لجمال الابتسامة يتأثر بشكل وحجم الشفاه، ولكن الشفاه فقط تُمثّل الإطار الخارجي للأسنان. فجمال الأسنان يتم تقييمه بشكلها وتماثلها واصطفافها ولونها وبريقها، الذي بدوره يعكس مدى حيويتها وصحتها. ومن الدلائل على وجود مشكلة عامة في صحة الفم هو اختلال هذا التوازن الجمالي. فعلى سبيل المثال الأسنان الأمامية المشرشرة الأطراف أو القصيرة قد تدل على وجود إطباق غير صحيح بين الفك العلوي والسفلي مما قد يؤدي إلى تدمير الأسنان ذاتيًا وبالتدريج. كما نشهد أحيانًا تغيّر لون الأسنان إلى اللون الرمادي والذي قد يكون دلالة على وجود مشكلة في حيوية لب السن (العصب) المرتبط بخُرّاج أو التهاب بكتيري، والذي يلزم تدخل سريع من قبل طبيب مختص في لب الاسنان. كما تُشكّل رائحة الفم أيضًا مؤشرًا لمشاكل في صحة اللثة أو صحة القناة الهضمية. نحن نتفق على أن جمال الأسنان والشفاه من الكماليات وليست من الضروريات، ولكن اهتمام الفرد بصحة وجمال أسنانه حتمًا يعكس مدى وعيه بالصحة العامة. أتساءل.. ماذا لو كان الجمال مرتبط بصحة الأسنان؟ وما هو إجمالي التكلفة التراكمي لعمليات التجميل المستمرة على مدى عشر سنوات مقارنةً بعلاج تجميلي مدروس للأسنان على يد مختصين من تبييض أو تقويم أو قشور خزفية (فينيرز)؟ ما هو دور الإطار الجميل إذا كانت الصورة غير جميلة؟